تشهد منطقة اليورو تعافيًا ملحوظًا. من الممكن أن تأتي تلك الجملة على لسان المتداولين والمستثمرين في العديد من الدول. ولكن هل المسألة تقتصر على ذلك؟ إن عجلة التعافي الاقتصادي بمنطقة اليورو ذات وتيرة متباطئة للغاية. وهناك عدد من المؤشرات ا��اقتصادية (من ضمنها تقارير الدول لمؤشرات( PMI التي أفادت بتحسن الأوضاع منذ 2012. جدير بالذكر أن من يرى أن الوضع تحت السيطرة قد يبدو متفائلًا حد الجنون. هذا وقد قام البنك المركزي الأوروبي بخفض معدلات الفائدة مرتين خلال عام 2013، إذ تم تقليصها بنحو 50 نقطة في مايو بينما تم خفضها بنحو 25 نقطة في نوفمبر. كما خفض البنك من معدلات الفائدة الرئيسة (فيما يسمى بتسهيل الإقراض) إلى مستوى تاريخي منخفض بلغت نسبته 0.75%. والسؤال هنا: هل أتت تلك القرارات ثمارها فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي؟ وللإجابة عن ذلك السؤال علينا أن ننظر للوضع الحالي فحسب. وفي الوقت الذي شهدنا فيه معدل نمو سلبي على مدار عام 2012 بأكلمه وخلال الربع الأول من السنة المالية لعام 2013، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمنطقة اليورو بنحو 0.3% في الربع الثاني وبنحو 0.1% في الربع الثالث. إن التقدم مرئي بلا شك ولكن السؤال هنا حول ما إن كانت ستظل وتيرة النمو على نفس المنوال خلال 2014 أم سنشهد انخفاضًا آخر؟
وفي الوقت الحالي يتوقع البنك المركزي الأوروبي أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بمعدل %0.4 في هذا العام ولكن يتوقع أن يرتفع في 2014 بنحو %1.1 وفي 2015 بنحو %1.5. هذه التقديرات توافق توقعات السوق. هناك احتمالات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حول انخفاض النمو. هذه الاحتمالات تستند على الافتراضات التي تشير إلى أن آسيا (الصين بشكل خاص) سوف تستمر في النمو بالوتيرة الحالية وأن التجارة العالمية سوف تزداد توسعا. وفي الوقت نفسه، فإن عدم استقرار نمو الصين يشكل تهديدا كبيرا للانتعاش في أوروبا. أيضاً إذا تباطأت وتيرة النمو الاقتصادي في آسيا، فإن الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل بمنطقة اليورو سيتراجع عن %1.0 يقينا على أساس عام كامل. ونظرا لأن النمو يتأثر بشكل كبير بآسيا، فسوف تتأثر أسواق الأسهم الأوروبية بخفض البنك الفيدرالي الأمريكي لوتيرة برنامج التسهيل النقدي. ونود أن يقرر الفيدرالي الأمريكي هذا على الفور ولكن يبدو أنه سوف يؤخر هذه العملية حتى العام المقبل. عندما يتم الحد من برنامج إعادة شراء السدات فلن نتوقع إذن أي زيادات تشهدها مؤشرات الأسهم كما كان الحال في عام 2013.
جدير بالذكر أن انخفاض التضخم يعد مشكلة أخرى في قطاع المالية العامة. حيث ظلت الأسعار في منطقة اليورو تنخفض لبعض الوقت على الرغم من أننا نرى انتعاشا طفيفا منذ أكتوبر. ومع ذلك، من المتوقع أن يبقى التضخم منخفضا لبعض الوقت وسوف يضطر البنك المركزي الأوروبي للتعامل مع هذه المشكلة. أيضاً نجد أن انخفاض التضخم يعني أن جزءا من دخل الموازنة في بعض دول منطقة اليورو سيكون أقل مما كان عليه في العام السابق. وقد تتراكم هذه المشكلة للعام المقبل. بل إن ذلك الأمر قد يحمل مخاطرة كبيرة من المحتمل ألا تلحظها السوق في الوقت الراهن. وهناك توقعات بأن يكون هناك ضغط على البنك المركزي الأوروبي في أن يجابه انخفاض التضخم البالغ. وهذا هو السبب الذي يدفعني للاعتقاد أن موضوع تطبيق أسعار الفائدة السلبية على الودائع سوف يعاود الظهور وقد يقوم البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر بين البنوك التجارية (الريبو) من %0.25 إلى %0.1. وقد تركزت المحادثات حول معدل الفائدة (الريبو) وأسعار الفائدة على الودائع وعلى ما يبدو قد تم تنحية سعر الفائدة الأساسي. لا أتوقع أن يقوم ماريو دراجي بخفض ما هو أكثر من ذلك. أما إذا كان سيفعل هذا، فسوف يخفض سعر الفائدة بنحو 25 نقطة في الربع الأول من 2014 بالنسبة لسعر الفائدة الرئيسي إلى %0.5 والتأخر عن هذا لن يكون منه طائل.
رسم بياني يوضح تضخم أسعار المستهلكين بمنطقة اليورو. المصدر: بلومبرج
فوركس
كيف سيجد المتداولون الوضع بمنطقة اليورو؟
خلال عام 2013 كان نطاق التداول على الـ EUR/USD مقدرًا بنحو 1000 نقطة (وقد تم التداول عليه في النطاق بين 1.28 و 1.38) والذي كان أقل مما كان عليه في الأعوام السابقة. ونتوقع خلال عام 2014 أن يظل ذلك النوع من الاضطراب قائمًا دون أن نشهد أي حركة بارزة أو مؤثرة. كما أنه من المتوقع أن يتعرض اليورو لضغوط نتيجة المخاطر التي قد تواجهها منطقة اليورو (كانخفاض معدل التضخم، وانخفاض معدلات الفائدة، وكذلك تباطؤ وتيرة معدل النمو). علاوة على ذلك، علينا أن نضع قرارات الفيدرالي الأمريكي بعين الاعتبار، والذي بدأ بالفعل خفض برامج التسهيل النقدي كجزء من السيناريو الثالث للتسهيل النقدي وقد يستمر ذلك الأمر أيضاً خلال العام 2014. وذلك بلا شك سيدفع بالدولار الأمريكي للتقدم. وبوضع كل ما سبق نصب أعيننا، نتوقع هبوط ولكن طفيف لزوج الـ EUR/USDوالذي قد يصل للمستوى 1.2900 بحلول نهاية عام 2014. وعلى نفس المنوال، قد يتراجع اليورو أمام معظم منافسيه من العملات الرئيسة. لكنه سيظل مرتفعًا أمام عملات الاقتصاديات الناشئة التي ستكون عرضة للضغوط (خلال النصف الأول من عام 2014 على الأقل) عندما يبدأ رأس المال في التدفق مقارنة بالاقتصاديات الأخرى (نتيجة لانخفاض برنامج التسهيل النقدي). أما عن توقعات نارسزويفسكي بشأن التداول على اليورو أمام العملات الرئيسة والناشئة، فقد تم إعدادها في الجدول الآتي، حيث: (أهم التوقعات لنهاية كل ربع من السنة المالية لعام 2014).
فوركس
توقعات العام 2014