الرجال مقابل النساء – الحروب بين الجنسين في الاسواق المالية
كنت اقرأ مقالا يناقش ما اذا كانت النساء قادرة على التداول بشكل افضل من الرجال. بالقطع اصبح انتشار النساء ملحوظا في الاسواق المالية اكثر من أي وقت مضى وهو امر ليس مستغربا، خصوصا وان وجودهم قبل نحو 15 عام كان شبه منعدم في هذا المجال الذي يهيمن عليه الذكور. وبدأ النساء في دخول ساحات التداول كمتدربين ومساعدين تماما كما فعل الرجال.
في أواخر الثمانينات وبداية عقد التسعينات كانت قاعات التداول بيئة غير منظمة إلى حد كبير. لم يكن هناك أي ذكر عن اللياقة السياسية أو التحرش الجنسي. ويذكر متعاملون في تلك الفترة مدى صرامة ظروف العمل. حيث كان يتعين عليهم اما قبولها أو ترك هذا النشاط، مع تكرار حالات الفصل في حال الفشل في التعامل مع تلك البيئة، وهو الأمر الذي كان بالطبع سيكون اكثر صعوبة بالنسبة للنساء. رغم ان البعض منهم نجا من هذا الوضع واثبتوا قدرتهم على التعامل معه والعمل كأعضاء فاعلين في فرق العمل.
بدأت الامور في التغير مع مرور الوقت حيث اصبحت قاعات التداول خاضعة لبعض القواعد والتوجيهات مثلها مثل مجالات العمل الأخرى. وبدأ عدد متزايد من النساء في البحث عن فرص في هذا القطاع المتنامي، ونجحوا انذاك في اثبات قدرتهم امام نظرائهم من الرجال.
بالطبع لست مجنونا أو حتى شجاعا بالقدر الكافي للخوض في نقاش حول طبيعة الجنسين، ولكن سأتمعن بكل حذر وكياسة في هذا الموضوع الشائك.
تظهر نتائج الدراسات الاستقصائية التي اجريت مؤخرا ان النساء اكثر صبرا من الرجال (اذا اردت تلقي نكتة متعلقة بنوع الجنس هنا على مسئوليتك الخاصة، فلا بأس) ويمتلكون نظرة افضل على المدى الطويل. كما تشير إلى ان الرجال يعانون من نفاذ الصبر والجشع والثقة المفرطة ( اعزاؤنا السيدات حان دوركم لإلقاء مزحتكم).
الاختبار الحقيقي
في احدى دورات محاكاة التداول في قطاع الصيرفة الاستثمارية خسر المتدربين من النساء اموال اقل من تلك التي تكبدها اقرانهم من الرجال. ملاحظة جانبية – يخسر المتدربون عادة الاموال وبالتالي تعتبر خسارة قدر اقل من المال انجازا بحد ذاته.
وتظهر بعض المسوح الاستقصائية ان النساء ينظرون إلى المخاطر بشكل اكثر تحفظا مع الحرص على تجنب القرارات الاستثمارية المتهورة. وتمكنت النساء من السيطرة على مشاعرهم بشكل افضل من الرجال والذين يميلون الى التداول عادة بشكل مندفع قد تنقصه الحكمة وكانوا اكثر عرضة لتجاوز قواعد التداول.
حقيقة الأمر، وبصراحة من وجهة نظري، فان الدخول في سجال حول طبيعة عمل الجنسين في مجال التداول يبدو امرا سخيفا، فالمتداولة، ان جاز التعبير، التي يقال انها تتميز بالصبر وتجنب المخاطرة قد يفوتها تحركات كبرى بسبب صبرها ورؤيتها بعيدة الامد. ايضا فان الرجل الذي يندفع نحو التداول بكثافة قد يتخذ الكثير من القرارات غير الصائبة.
قد ادرجت كلمة “متداول” دون ان احدد ما اذا كان ذكرا أم انثى. فالمتداولون على اختلاف جنسهم يتاجرون بأساليب ومنهجيات وطرق مختلفة لإدارة المخاطر. على مدار الفترة التي قضيتها في هذا المجال رأيت متداولين يواظبون على فتح صفقات صغيرة الحجم وفي ذات الوقت يحققون بعضهم ارباح مستمرة بينما يتكبد البعض الاخر خسائر كثيرة. وحتى المغامرين قد يتمكنوا ايضا من تحقيق ارباح كبيرة وفي احيان اخرى خسائر فادحة. قد تختلف انماط التداول ولكني يبقى الشيء الوحيد والثابت هو ان المتداولين من سلالة خاصة.
الشخص الذي ينجح في تحقيق ارباح وإنشاء سجل حافل بالنجاحات هو الذي يستحق ان يطلق عليه لقب متداول، بينما من لا ينجح في تحقق ذلك لن يستمر في هذا السوق. انسى كلمة ذكر أو انثى، اسود أو ابيض، حتى ولو كائن فضائي براسين. أي مدير لمكتب تداول لن يهمه ان كنت هذا أو ذاك. كل ما يهمه هو قدرتك على تحقيق ارباح للشركة ام لا. هذا كل ما في الأمر.