قصة كفاح (لاكشمي ميتال) امبراطور الحديد والصلب في العالم
قليلون هم من يعرفون تفاصيل حياة الرجل الحديدي الذي يعرف بــ(أمبراطور الحديد والصلب في العالم) «لاكشمي ميتال» الهندي البسيط الذي قدم من ولاية راجستان بشمال غرب الهند ليتربع على عرش الحديد والصلب في العالم.
قالت عنه صحيفة «هندوستان تايمز الهندية» (شيّد إمبراطوريته اعتمادًا على حاسّة خاصّة تجعله يتنبّه مبكّرًا إلى شركات الفولاذ التي تعاني من ضائقة ما، فيسارع إلى شرائها وإنقاذها وتحويل خسائرها إلى أرباح مضمونة).
كيف بدأ هذا العبقري!.. كيف فكر وخطط!.. حتى أصبح اليوم خامس أغنياء الكرة الأرضية؟
مولده ونشأته:
ولد (لاكشمي) ميتال في الخامس عشر من يونيو عام 1950م، في قرية من قرى الهند المتواضعة وتدعى (سادولبور)، الأمر الذي ساعد ابنه (لاكشمي) لاستكمال دراسته حتى حصل على درجة البكالوريوس في التجارة والمحاسبة من إحدى الجامعات الكبيرة بكلكتا، ولم يلبث (لاكشمي) بعد ذلك حتى انخرط إلى جانب والده ليخوض أول تجربة له في مجال تجارة الحديد والصلب.
أول خطوة نحو النجاح
شهد عام 1979 الخطوة الأولى (لـلاكشمي) نحو النجاح حينما سافر برفقة أحد أصدقائه إلى اليابان لقضاء إجازة قصيرة غير أن والده ألح عليه أن يتوقف خلال سفرته هذه في إندونيسيا, تلك الوقفة التي قادته للتربع على عرش الحديد والصلب في العالم, ففي إندونيسيا اشترى (لاكشمي) منزلاً صغيرًا بإيعاز من والده، ومن حسن حظه كان هذا المنزل يطل على أحد مصانع الحديد والصلب التي توشك أن تفلس, فخطر بباله فكرة شراء ذلك المصنع، والعمل على إقامته وهيكلته من جديد وقد كان له ذلك, فأسس بعدها ما عرف لاحقًا بمصنع «اسبات إنترناشونال» للصلب، وكانت تلك هي أولى خطواته نحو النجاح التي تلتها خطوات ناجحة كثيرة لاحقًا.
فلسفته:
عرف عن ( لاكشمي ) ولعه بالمجازفة التجارية المحسوبة والتي يتوجس منها خيفةً الكثير من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال, ومن تلك المجازفات شراء أصول لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها، وخاصة في بلدان يعد الاستثمار فيها مغامرة محفوفة بالمخاطر الجمة, فهو دائمًا ما يعمد إلى شراء المصانع الصغيرة الخاسرة التي توشك أن تقفل أبوابها ، وكذلك شركات الصلب التي تتورط في مآزق مالية حقيقية، فيقوم بإعادة هيكلة هذه المنشآت ليحول خسائرها إلى أرباح مضمونة.
وما قام به في الاتحاد السوفييتي أثناء انهياره إلا مثال جلي على ذلك, فقد سارع (لاكشمي) إلى شراء بعض المصانع الخاسرة هناك وحولها إلى أكبر مصانع الحديد والصلب في العالم.
ومن أبرز خطواته الجريئة ما أقدم عليه في عام 1995 حين قام بشراء مصنع مفلس للفولاذ في جمهورية كازاخستان بقيمة 700 مليون دولار, فحوله إلى أحد أفضل مصانع الفولاذ كفاءةً في العالم, ثم أعقب تلك الخطوة بشراء مصانع أخرى توشك أن تفلس في الدول الشيوعية السابقة مثل بولندا والتشيك وأوكرانيا.
وتعد صفقة (لاكشمي) عند شرائه «إنترناشيونال ستيل جروب كوربوريشن» في عام 2004 من أكبر الصفقات التجارية في العالم إذ بلغت قيمتها 17.8 مليار دولار أمريكي، وعُرفت فيما بعد بأكبر شركة للصلب في العالم هي «أرسيلور ميتال» ويعمل فيها اليوم أكثر من 320 ألف شخص في ستين دولة حول العالم, وقد كادت أن تعصف بها الأزمة المالية العالمية في عام 2008م حيث هوت قيمة أسهمها بنحو 70%, ثم مالبثت أن تماسكت لتعود بنفس القوة إن لم يكن أقوى.
ثروتـه:
بقي (لاكشمي) ولخمس سنوات متتالية هو الأغنى في بريطانيا حسب لائحة صحيفة (الصنداي تايمز) البريطانية في عام 2010 وضمت اللائحة ألف ملياردير ومليونير, كما يعد (لاكشمي) خامس أغنياء الكرة الأرضية حسب لائحة أصدرتها مجلة «فوربس» الأميركية في العام نفسه عن مليارديرات العالم، فثروته بلغت في لائحة «صنداي تايمز» التي لا تتضمن المال السائل في البنوك وغيرها، (أكثر من 22 مليار و450 مليون جنيه إسترليني، أي ضعف ما كان يملكه في لائحة العام الماضي حين تقلصت ثروته 61% عما كانت عليه عام 2008 وأصبحت 10 مليارات و800 مليون بسبب الأزمة المالية العالمية).
وإلى جانب أنه المالك الوحيد لشركة «أرسيلور ميتال» الآنفة الذكر فإنه يملك أيضًا عقارات مهمة وكثيرة في بريطانيا, والحقيقة أنه لايحلو الحديث عن ثروته دون الإشارة إلى منزله الذي اشتراه عام 2004م في غرب مدينة لندن في منطقة تسمى (كينزنغتون) والتي تعد من أرقى وأفخم المناطق في بريطانيا ويسكنها العديد من مشاهير الفن والمال، وقد دفع مقابل هذا المنزل مبلغ يقدر بـ 129 مليون دولار، وكانت من أغلى الصفقات في بريطانيا.
الجوائز والأوسمة:
ليس غريبًا أن يحصل رجل مثل لاكشمي على العديد من الجوائز والأوسمة فهو بلا أدنى شك رجل عصامي بنى نفسه خطوة بخطوة حتى أصبح من مشاهير رجال المال والأعمال في العالم, لذا فقد حصل (لاكشمي) على العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة رجل عام 2006 من صحيفة الـ «فايننشال تايمز» ومن صحيفة الـ (الصنداي تايمز) وفي عام 2007 تم اختياره من قبل مجلة «تايم» الأمريكية من ضمن المئة شخص الأكثر نفوذًا في العالم, ويكفيه فخرًا كونه اليوم من أغنى رجال الأعمال في العالم, بل تسميته بـ(أمبراطور الحديد والصلب).