ليس لدى وقت..عبارة نسمعها كثيرا و نقولها اكثر و لكن بالتمعن فى معناها نجدها عبارة تخلو من الصحة و الحقيقة فالوقت هو الحياه و طالما اننا نحيا فنحن نملك الوقت، فالأولى ان نقول ليس لدينا قدرة على ادارة و تنظيم الوقت ما عن الوقت فاننا نملكه و لدينا منه مقدار اعمارنا. و لكننا لا يمكن إيقافه أو التحكم به ، فبمرور كل ثانية يذهب معها جزء من العمر لن يعود أو يعوض فحياة الإنسان ما هى الا عدد من الثواني والوقت هو أثمن ما نملكه فى الحياه، و يمر من بين ايدينا فى سرعة متلاحقة و كما قال الحسن البصرى : " يا ابن آدم، إنما أنت أيام ، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك". فزيادة قيمة الوقت يكمن فى حسن استغلاله محاولين تخفيض نسبة الضائع منه و استثمار ه بأفضل صورة فسارع فى استغلاله لخير الدنيا والآخرة...
فإدارة الوقت تعنى فى المرتبة الأولى بإدارة الذات ، بحيث يؤدي الانسان ما عليه من واجبات، ويحقق توازن في حياته بين نفسه وعائلته وعلاقاته الاجتماعية و بين الرغبة في الإنجاز فى عمله و طموحاته المادية. فإدارة الوقت هى ادارة الاعمال التى نقوم بعملها بأقل جهد و أقصر وقت خلال 24 ساعة فى اليوم بتحقيق و استخدام الطرق والوسائل التي تعين المرء على الاستفادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه وخلق التوازن في حياته محاولين فرض سيطرتنا على الوقت و ليس العكس.
فبدون تحديد للهدف او إدارة للوقت حياتنا تصبح كسفينة تتقاذفها الأمواج و الريح بلا اتجاه محدد تسير وفقا للتيار. لا تدري أين تذهب وكيف تتجه ولأي هدف تسير. ، وبالتالي كلما كانت خطَّتك مرسومة بشكل متقن، كلما حقّقت الوصول إلى وجهتك بأمان. فأهم شيء في إدارة الوقت بشكل صحيح أن تحدد الهدف منذ اللحظة الأولى و لتجعل هدفك الاسمى هو رضا الله و من خلال الهدف الاسمى تضع اهداف حياتك، وبالتالى تستطيع بعد ذلك تخطط وقتك لتحقيق الاهداف التى حددتها، فالإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته ، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائد! فالسعادة مرتبطة بما يحققه الانسان من أعمال و إنجازات.
و ما تنظيم الوقت الا عملية إنجاز الكثير من الأعمال في زمن قصير، وحل المشاكل بجهد أقل، و بالتالى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي و العاطفي و الوصول الى الشعور بالسعادة والقوة والتفاؤل، بالاضافة الى التخلص من التراكمات السلبية و الحزن و القلق. فاذا كانت عملية تنظيم الوقت هذا هو مردودها فماذا يعيقنا عن تنفيذها، هناك عدة عوائق من اهمها عدم وجود أهداف أو خطط محددة لتنظم وقتك لتحقيقها. فبوجود هدف وخطة مسبقة يصبح تنظيم الوقت عملية يسيرة، والعكس صحيح، إذا لم تخطط لحياتك فتصبح مهمتك في تنظيم الوقت صعبة.
و من المعوقات ايضا النسيان، و ينتج عن عدم تدوين ما يريد الشخص إنجازه، فيضيع بذلك الكثير من الواجبات فلا بد من تدوين الأفكار و الخطط و الأهداف حتى لا تكن افكار عابرة قابلة للنسيان فضع مفكرة صغيرة وقلما في جيبك دائماً لتدون الأفكار والملاحظات ، و توقع أنك ستحتاج إلى إدخال تعديلات عليها و سيساعدك التدوين على إدخال تعديلات وإضافات وحذف بعض الأمور من خطتك، فالمرونة أثناء التنفيذ من أسباب النجاح. و كثير خلال يومنا المخطط يقابلنا مقاطعات الآخرين، فى شكل زيارات مفاجئة او طلبات ملحة او مكالمات تليفونية، و قد لا تكون مهمة، اعتذر بكل لاباقة، فعليك أن تقول لا فى بعض الأحيان، وأن تقارن بين الأولويات، لأن الفرص والواجبات قد تأتيك في نفس الوقت، فأيهما ستختار؟ دائما اختر المفيد الأولى الذى لا يؤجل اما ما يمكن تأجيله فيأتى فى المرتبة الثانية.
و من أشد معوقات تنظيم الوقت التكاسل والتأجيل، و عدم إكمال الأعمال، أو عدم الاستمرار في التنظيم ، فتجنبه وركز على عملك حتى تنهيه ولا تشتت ذهنك في أكثر من عمل و توقف عن أي نشاط غير منتج.وانظر إلى الوقت على أنه كنز ثمين بين يديك و تعلم من عالم النمل حسن استغلال كل لحظة فالنملة لا تترك دقيقة تمر دون عمل بالتعاون مع بقية أفراد المجموعة، و تأكد أن إتقان العمل يوفر الوقت في الصيانة والإصلاح.
كما إن سوء الفهم للغير قد يؤدي إلى مشاكل تلتهم وقتك فابتعد عن المجادلة فهي مضيعة للوقت و اعلم ان الكلمة الطيبة تفعل مفعول السحر! ويمكنك من خلالها أن تربح ثقة الاخرين و توفر الوقت الضائع فى مناقشات لا فائدة منها ، و اترك ما لا يعنيك ، لأن التدخل في أمور لا تضر ولا تنفع يؤدي إلى مزيد من ضياع الوقت وعوّد نفسك أن تسامح الآخرين، حتى لا تدخل فى مهاترات مضيعة للوقت.
و دائما افصل بين واجباتك و مسئولياتك و اعمل بمبدأ هنا و الآن فركز على ما تفعله الأن هنا و لا تجعل غيره يشتت تفكيرك و افصل بين القضايا التي تشغل تفكيرك وجزئها، وعالج كل قضية على حدةو لا تدمج المشاكل اليومية مع بعضها، وخصص لكل مشكلة وقتاً قصيراً لحلها،- انسَ أي مشكلة تصادفك ولا تعطها أكثر من دقيقة أو دقيقتين من تفكيرك... وبعد ذلك انتقل للتفكير في اهدافك فتركيزك على المشكلة لن يحلها و لكن حلها يكمن فى وضع الحلول لها و البدء فى تنفيذها. و عند الفشل لا تيأس و لا تضيع وقتك فى منطقة التحصر على الفشل أو الإخفاق و لكن تعلم من الاخطاء و اجعلها تجربة تعينك على النجاح.
و ابدأ فورا فى خطوات تنظيم الوقت اجعل اهدافك امام عينيك و اجعل لجميع نواحى حياتك الشخصية و العائلية و الاجتماعية و العملية و المادية اهداف تسعى اليها ثم اشرع فى تنظيم وقتك بوضع جدولا اسبوعيا لكل جانب من حياتك و استغل اوقاتك بوضع الاولويات ثم املأ الاوقات التى بينها بأشياء تفيدك مثل اوقات الانتقال من مكان سكنك الى العمل يوميا احسبها كم تستغرق و كيفية استغلال هذا الوقت اما بسماع اشرطة تنموية او بذكر الله او حتى تنظيم ذهنك و تخطيط اولوياتك .
و عليك ان تدرك اهمية الوقت و تكن حازما مع نفسك كى تبدأ فورا فى التغيير و حدد اولوياتك و ضع جدولك الاسبوعى و اليومى و تعلم التفويض الجيد فلا تفعل كل كبيرة و صغيرة بيدك فيضيع اليوم منك. و نظم مكان عملك حتى لا تستغرق وقتا اضافيا فى ايجاد اشيائك، و ركز على ما تفعل حتى تنهيه و لا تكرر المجهود، و لا تشتت ذهنك باشياء تقاطعك و تعلم قول لا و كن منطقيا وواقعيا فى التخطيط و فى تحديد الاوقات الكافية لكل عمل.
ابدأ فى تنفيذ خططك بالمهام الصعبة اجعل اهم اعمالك فى بداية اليوم وانت بكامل طاقتك قلل من الاعمال الروتينية و تخلص من كل ما هو ليس ضرورى، و احذر من لصوص الوقت مثل الهاتف و الانترنت و الفضائيات و الالعاب الترفيهية. و في نهاية الأسبوع قيم نفسك، وانظر إلى جوانب التقصير فتداركها،عليك بمقارنة ما سبق تخطيطة بما تم تنفيذه حتى تحدد الايجابيات و السلبيات و تحدد الانحراف عن الخطة و اصلاحه. و اعلم انك انت مدير وقتك فضع اهدافك و حدد اولوياتك و حدد النشاطات و برنامجها الزمنى و عندئذ ستجد انه اصبح لديك وقت.
منقول عن الاستاذة رانيا الماريا
*خبير البورصة والتحليل الفني والتنمية البشرية .