صندوق النقد: إصلاحات مصر بدأت تحقق تحسنا في الاقتصاد
قال صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء إن الإصلاحات الهيكلية والنقدية التي اتخذتها السلطات المصرية بدأت تحقق تحسنا في الاقتصاد الذي تضرر جراء الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ 2011.
وألحقت الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك من سدة الحكم قبل أربع سنوات ضررا بالغا بالاقتصاد وتسببت في عزوف المستثمرين والسياح وتراجع النمو عن اثنين بالمئة في 2010-2011.
غير أن مصر تلقت مساعدات بمليارات الدولارات من دول خليجية منذ أن عزل عبد الفتاح السيسي حين كان قائدا للجيش الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو تموز 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
وشكلت هذه المساعدات طوق النجاة للاقتصاد في حين شرعت الحكومة في إجراء إصلاحات ساعية لتحقيق التوازن بين استعادة النمو والسيطرة على التضخم وتقليص العجز في الموازنة.
وقال الصندوق في بيان صحفي في ختام مشاورات المادة الرابعة التي يقوم من خلالها خبراء من الصندوق بتقييم الأوضاع المالية والاقتصادية للدولة "الإجراءات التي جرى تنفيذها حتى الآن إلى جانب استعادة بعض الثقة بدأت تحقق تحسنا."
ووفقا لصندوق النقد فإن مصر لم تجر مشاورات المادة الرابعة منذ مارس آذار 2010. لكن الحكومة طلبت إجراءها أملا بصدور تقرير إيجابي يعزز صورتها قبل المؤتمر الاقتصادي الدولي المقرر عقده في مارس آذار بمنتجع شرم الشيخ.
وأجرى صندوق النقد ومصر مباحثات متقطعة بخصوص قرض محتمل تصل قيمته إلى 4.8 مليار دولار لدعم الاقتصاد المتعثر منذ أن أدت انتفاضة 2011 إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة.
وذكر الصندوق أنه يتوقع وصول النمو إلى 3.8 بالمئة في 2014-2015 وارتفاعه إلى 5 بالمئة في الأمد المتوسط. ورغم حدوث تحسن مقارنة مع المستويات المتدنية التي سجلتها البلاد بعد اندلاع الاضطرابات ستظر مصر في ظل هذه المعدلات للنمو تواجه صعوبة في توفير فرص عمل كافية لمواطنيها في ظل النمو السريع للسكان
توقع الصندوق أيضا أن تؤدي إجراءات ضبط الموازنة إلى نزول العجز عن 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2018-2019. وذكر أن خفض عجز الموازنة أيضا سوف "يدعم هدف خفض التضخم إلى 7 بالمئة في الأمد المتوسط."
وقال رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب يوم الأربعاء إن من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي المصري 4 بالمئة في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو حزيران ارتفاعا من 2.2 بالمئة في السنة الماضية.
وذكر محلب خلال مؤتمر دولي للمسؤولين الحكوميين والتنفيذيين في دبي أنه يعتقد أن عجز موازنة حكومته سيقل عن 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة الحالية مقارنة مع 14 بالمئة في السنة الماضية.
وأشار مديرو صندوق النقد إلى ضرورة توسيع نطاق الإيرادات الضريبية بما في ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة. وقالوا إن هبوط أسعار النفط يوفر فرصة لتسريع وتيرة إصلاحات دعم الطاقة.
وفي يوليو تموز الماضي قلصت مصر دعم الطاقة الذي طالما أثر سلبا على المالية العامة بما أدى إلى ارتفاع الأسعار لكنه أظهر استعداد الحكومة لاتخاذ قرارات صعبة.
ورحب صندوق النقد بالتحركات التي شهدتها أسعار الصرف في الآونة الأخيرة واصفا إياها بأنها "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح." واتخذ البنك المركزي المصري عدة إجراءات لكبح السوق السوداء.
وسمحت مصر بانخفاض قيمة الجنيه بعد استقراره ستة أشهر وأذنت للبنوك بتداول الجنيه في نطاق أوسع حول السعر الرسمي ووضعت حدا للدولارات التي يمكن إيداعها في البنوك العامة والخاصة والبنك المركزي.
غير أن صندوق النقد قال في تقييمه للقطاع الخارجي إن سعر صرف العملة المصرية يبدو مبالغا فيه وإن "هناك مجالا واسعا كي تؤدي سياسات الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية إلى تحسين التنافسية."
وأشار الصندوق إلى انخفاض العجز في ميزان المعاملات الجارية في الآونة الأخيرة وهو ما يرجع في الأساس إلى التمويلات التي قدمتها دول خليجية تدعم بقوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. لكن احتياطات النقد الأجنبي ما زالت منخفضة نسبيا.
في الأسبوع الماضي قال البنك المركزي إن احتياطيات مصر من النقد الأجنبي زادت إلى 15.43 مليار دولار في نهاية يناير كانون الثاني من 15.33 مليار دولار في الشهر السابق. وكانت الاحتياطيات الأجنبية تبلغ 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011.
ورحب وزير المالية المصري هاني قدري دميان بتقرير الصندوق واصفا إياه بأنه "جاء إيجابيا ومحققا لأهدافه من خلال تأكيد الثقة في البرنامج الاقتصادي المصري الذي صممته وتنفذه الحكومة وفي قدرته على تحقيق الأهداف المرجوة والمعلنة حول زيادة معدلات التشغيل وخفض معدلات البطالة وتحقيق الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي وخفض معدلات التضخم على المدى المتوسط."
وقال دميان في بيان صحفي "تقرير الصندوق جاء متوازنا من حيث الإشارة إلى مواطن القوة والفرص الواعدة بالاقتصاد المصري وكذلك مدى التحديات والصعاب التي تواجه الاقتصاد خلال الفترة الحالية وعلى المدى المتوسط."
واعتبر أن تقديرات الصندوق بقدرة السياسات الحكومية على تحقيق نمو قدره خمسة بالمئة في المدى المتوسط "معدلات نمو جيدة نسبيا طبقا لمحا هو سائد حاليا على المستويات الدولية على الرغم من أنها أقل من المعدلات التي تستهدفها الحكومة وتقع في حدود ستة بالمئة لاحداث خفض سريع في معدلات البطالة."