بعد أن كان الطلبة فى عهد البائد يشكون من الأمن وتقييده لأنشطة الطلبة بالجامعة أصبح الأمن بقدرة قادر هو من يحمى أنشطة الطلبة .... وعجبى ,,,
كتبت هدي المصري العدد 4352 - السبت الموافق - 5 نوفمبر 2011
ما أشبه اليوم بالبارحة.. ففي أواخر السبعينيات شهدت جامعة أسيوط أحداث عنف متصاعدة من الجماعات الإسلامية التي منعت بالقوة الأنشطة الفنية وكانت مقدمة لما هو أبعد سواء منع اختلاط الطلاب والطالبات والفصل بينهم في المدرجات وأروقة الجامعة وانتهت باغتيال رئيس الدولة في أوائل الثمانينيات ومحاولة قلب نظام الحكم لإقامة الدولة الإسلامية، ودفعت البلاد ثمناً فادحاً من دوامة العنف التي غرقت فيها لسنوات!
اليوم يتكرر المشهد بحذافيره في جامعة المنصورة، ويزيد عليه الوضع الصعب وحالة الرخاوة الأمنية، وتفكك أجهزة الدولة، وغياب الأمن عن الجامعة فما جري من منع إحدي الحفلات الفنية من قبل قوي التطرف هو إنذار مبكر بما ستؤول إليه البلاد إذا لم تواجه بمنتهي الحزم والشدة! داخل جامعة المنصورة، والتي تعرف بوجود مكثف للجان السلفية داخلها.. جرت واقعة لم تشهدها الجامعات المصرية من قبل وهي محاولتهم إلغاء حفل طلابي بعد أن تم الاستعداد له وتجهيز المسرح والفقرات الغنائية ومعرض تشكيلي وجاليري وعرض لوحات الفنانين.
طلاب كلية الصيدلة - المسئولون عن تنظيم الحفل - فوجئوا بعدد من الطلاب الذين ينتمون للتيار السلفي، يساندهم طلبة من جماعة الإخوان يعترضون علي إقامة الحفل، معتبرين أنه نوع من الفجور !! وتم تصعيد الأمور حتي وصلت تهديداتهم لعميدة الكلية !
الحدث أصاب الطلاب المنظمين للحفل بقلق كبير، خاصة أن هناك مواقف أخري ترتبط بنفس الأمر وتحدث بالجامعة مما يزيد من القلق.. فالشيخ محمد حسان - أبرز رموز السلفية - يعتقد البعض أنه اتخذ من الجامعة منبرا له بزياراته المتكررة لها.. كذلك ازدهار النشاط الإخواني المكثف، وإشعال المظاهرات داخل الجامعة بعد خسارة إبراهيم العراقي مرشح الإخوان في انتخابات رئاسة الجامعة أمام منافسه د. سيد عبدالخالق بفارق 10 أصوات، علي الرغم من موقف جماعة الإخوان، الذي يرفض ويتصدي لأي تظاهرات في المرحلة الحالية، إلا أنهم ساهموا في إشعال الأحداث.
وبعيدا عن التصعيد المتعمد للأحداث من قبل طلاب الإخوان بعد هزيمتهم الانتخابية وسطوة اللجان السلفية داخل الجامعة، كان طلاب كلية الصيدلة يستعدون لإقامة أضخم حفل طلابي داخل حرم الجامعة كيوم ثقافي متكامل يتضمن العديد من الأنشطة الفنية لطلاب الجامعة.. معارض فنية وفرقة غنائية تقدم بعض أغاني ثورة يناير، وهذا ما أكده كل من العميدة ومدير الأمن وطلاب الكلية والمنظمين للحفلة الذين تكلفوا مبالغ مادية، وحصلوا علي جميع التصريحات الأمنية من قبل إدارة الجامعة.
لكن ما حدث يوم 26 أكتوبر الماضي والذي وصفه طلاب الصيدلة وغيرهم من طلبة الكليات الأخري داخل الجامعة بنوع من فرض فكر أحادي متزمت لا يتناسب مع المبادئ التي نادت بها ثورة يناير.
ويقول الطالب عبدالرحمن الإمام بكلية الصيدلة ومن المنظمين للحفل نظرنا إلي الحدث علي أنه نوع من مصادرة الفكر وقد يتكرر مرات أخري من خلال المضايقات والمحددات التي يفرضها بعض زملائنا من الطلبة الذين ينتمون لذلك التيار.
وأضاف : هذه المرة كان الأمر مختلفا وفيه نوع من التصعيد، خاصة مع كل حفل يقام كان الموضوع ينتهي برفع المصحف وتوجيه النصيحة للطلبة، لكن لم يحدث أن يهدد أعضاء اللجان السلفية بحشد سلفي من داخل الجامعة وخارجها في حالة عدم الرضوخ لمطلبهم، لدرجة جعلتهم يقومون بالاتصال بالشيخ السلفي حازم شومان الذي تنتشر شرائطه في جميع أنحاء المنصورة وصاحب الجملة الشهيرة (الليبرالية يعني أمك ما تلبسش حجاب).
وحضر إلي الكلية، وكانت محاولاته أن يثني الطلاب علي إلغاء هذا الحفل معتبره سلوكاً يدعو إلي الفجور، وعندما فشلوا في إقناعنا بدأوا يحذرون طلبة الجامعة من حضور الحفل، وبعض طلبة الإخوان حاولوا بكل دأب إفشال الحفل، لدرجة أنهم رددوا شائعة أن رئيس الجامعة أهم المدعوين للحضور - رغم أن هذا لم يحدث - مستغلين استياء نسبة كبيرة من الطلبة من رئيس الجامعة واعتباره من فلول النظام الساقط، وعمدوا إلي جمع أكبر توقيعات من طلبة الكلية لإلغاء الحفل.
لكن إصرارنا كان أقوي لنثبت أن مبرراتهم ليس لها أي أساس من الصحة، فالحفل لهم يحدث به أي مشاكل واستطعنا حمايته وكان هناك تنظيم وتأمين من المشرفين يضمن حماية الزميلات أثناء الحفل بل بعد انتهائه بتخصيص بوابة لخروجهن.. وعندما يأسوا من إفشال الحفل، صعد أحد الطلبة من جماعة الإخوان علي المسرح مع بداية الحفل ليعلن للطلبة أن الإخوان تكفلوا بحماية الحفل.. ذلك رغم أن الجميع شاهد تعمد الإخوان في جمع التوقيعات وضد إقامة الحفل.
وأضافت: عاشت الجامعة أجواء سيئة في عهد مبارك بسبب ما كان يمليه الأمن علي إدارة الجامعة. لكن بعد تنحي مبارك جاءت التيارات الدينية لإغلاق الباب وفرض أجنداتها عن طريق التهديد والوعيد في الغالب. فعندما فشلوا في إلغاء الحفل هددوا بأنهم سوف يقومون بإقامة الصلاة أمام المسرح وقراءة القرآن! وكان رد فعلنا علي ذلك هو أننا توقفنا حتي انتهاء الصلاة وذهب بعضنا ليصلي، ثم عدنا لاستكمال باقي فقرات الاحتفال.
أما أحمد صبري طالب آخر أشرف علي تنظيم الحفل فيخشي هو الآخر من أن تصل تيارات التشدد الديني في الجامعة إلي مراحل متقدمة من خلال النفوذ الذي تمتلكه متعجباً من موقف الإخوان المتناقض فيؤكد أنهم أشاعوا عن مسيرة إخوانية ستحاصر الجامعة في حالة عدم الرضوخ لمطللبهم.. ويضيف أحمد قائلاً: حاولوا إفساد حفلنا رغم أنهم كانوا يروجون لحفل آخر لحمزة نمرة خاص بالجماعة داخل أروقة الجامعة، وكان حفلهم بالتذاكر وليس دعوة مجانية وأقيم بنادي جزيرة المنصورة، ومعظم جمهوره كانوا من طلاب الجامعة، ولم نحاول أن نضايقهم مثلما فعلوا معنا وبالفعل أقاموا حفلهم في اليوم التالي لحفلنا.
ويذكر: لم تكن هناك أي مؤشرات للرفض قبل يوم حفلنا، لكن بمجرد أن رأي الطلاب السلفيون الميكرفون أصيبوا بصدمة وأخذوا يجمعون توقيعات علي مستوي الجامعة لإلغائه وأشاعوا أننا سنحضر في الحفلة راقصة وخموراً!!
أما عن رأيه في التشدد السلفي تجاه الفن.. فيقول أحمد:
المتشددون ينظرون إلي الموسيقي والغناء والتمثيل وغيرها من الفنون علي أنها من المكفرات وبالتالي فإنهم يتعاملون معنا علي أساس هذه الفكرة.
أحمد عبدالعزيز طالب اعدادي صيدلية يروي لنا تفاصيل أكثر ويقول: حاولنا جمع توقيعات الطلبة بأرقام بطاقاتهم الشخصية لنثبت للجميع أن طلبة الكلية والجامعة ضد فكرة إلغاء الحفل، بعدما قامت المجموعة السلفية بتهديد العميدة التي حاولت أن ترضي جميع الأطراف وألا تعمل علي إفشال الحفل.
أما د. ماجدة نصر عميدة الكلية فقالت إن الأزمة حدثت بسبب انتشار التيارات الدينية المتشددة في الجامعة، مشيرة إلي أن إقامة حفل طلابي ليس حدثاً جديداً وهناك حرية في جميع المجالات والاتجاهات مادامت في حدود الأنشطة الطلابية وخاصة بعد الثورة.
وأضافت د. ماجدة : إحدي أسر الكلية حصلت علي موافقة بإقامة حفل عبارة عن يوم ثقافي كامل يتضمن عرض أنشطة ثقافية ومعارض فنية يبدأ من الساعة السادسة إلي الساعة الثامنة والنصف ولأن الحفل عبارة عن دعوة عامة لجميع الطلاب، كانت الموافقة بعمل مسرح في ساحة الكلية علي غرار ما كان يحدث في حفلات الجامعة في السنوات الماضية.
واستطردت: بالفعل عكف الطلاب علي تجهيز المسرح، لكني فوجئت بمجموعة من الإخوان وشباب السلفيين جاءوا لي معترضين علي الحفل، واصفين إقامة المسرح بأنه عمل فسق ومنكر، فحاولت أن أوضح لهم فكرة الحفل وأزيل الأفكار الخاطئة لديهم، بالرغم من ذلك وجدت أن بعض الطلاب منهم ذهبوا للحصول علي توقيعات من زملائهم بإلغاء الحفل.
وأضافت: لم أوافق علي إلغاء حفل طلابي مستوفي كل الشروط وحصل علي موافقة أمنية.
وكانت المفاجأة عندما نظرت من نافذة مكتبي لأجد الشيخ حازم شومان في ساحة الكلية قبل بدء الحفل وسط مجموعة الطلاب وعمال الكلية يتحدث معهم دون أن يشرفني في مكتبي ويتحدث إلي وسمعت من أحد الطلاب أنه ذكر أنه سيصعد علي المسرح ويمنع الطلبة من إقامة الحفل مما أثار غضبي لأنه من غير المسموح له بذلك، فرفضت وجوده في الكلية دون استئذان الأمن وتدخله في شأن من شئون الطلبة، أصرت علي استئناف الحفل وكسر شوكة السلفيين.
أما اللواء محمد أسامة السنوسي مدير أمن الجامعة فأكد لنا أن الحفل الذي حصل علي جميع الموافقات استؤنف بشكل طبيعي، وأن ما اضطره إلي تقليل فترته ساعة واحدة فقط هو الحرص علي سلامة الطلاب.. ويضيف : انتهت الأزمة وعقدنا لقاء مع الطلاب، وعبروا عن رأيهم، ونحن مع حرية الرأي التي كفلتها الثورة، ولا نستطيع أن نمنع أحداً من التعبير عن رأيه، كما أنه لا ينبغي علي أي مجموعة أن تفرض رأيها خاصة بعد تغير المناخ الجامعي بتأثير ثورة يناير، ويتعجب السنوسي متسائلاً: لما يتعرض الشباب السلفي لزملائهم في الوقت الذي لا يعترضهم أحد في أي فعاليات أو ندوات مستشهداً بندوات الشيخ محمد حسان المتكررة بعد الثورة.