موجة كبيرة من جني الأرباح سادت أسواق المعادن الثمينة خلال جلسة نيويورك يوم أمس، أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاع العجز إلى أعلى مستوى قياسي له في الموازنة العامة الأمريكية على المستوى الشهري. أظهرت البيانات التي صدرت يوم أمس اتساع العجز إلى 46 مليار دولار أمريكي خلال شهر شباط. كذلك شهدنا ضعفاً كبيراً في بيانات التجارية الصينية و بيانات التجارة الألمانية يوم أمس حيث انخفض الفائض الألماني إلى 7.2 مليار يورو فيما شهدنا انكماشاً انخفاضاً كبيراً في نمو الصادرات و كذلك انخفضت الواردات إلى مستويات أقل من النصف.
تلك البيانات الاقتصادية أضيفت لها بيانات مطالبات العاطلين عن العمل التي شهدت قفزة كبيرة خلال الأسبوع 6 آذار حيث ارتفعت المطالبات إلى 397 ألف. يبدو أن الاقتصاد الدولي بدأ يشهد ضغوطاً سلبية من جديد، وليس هذا فقط، بل نرى أيضاً ارتفاعاً كبيراً في مستويات التضخم في المملكة المتحدة و كذلك في الصين، حيث نرى مستوى التضخم الصيني استقر عند مستوى 4.9% و هذا ما يهدد أن تقوم الحكومة الصينية بإجراء مزيد من التصعيب في شروط الائتمان.
إن تلك السلبية في البيانات الاقتصادية إلى جانب القلق من التوتّر السياسي الذي يجتاح العديد من دول العالم العربي، كانت دافعاً لانخفاض كبير في مؤشرات الأسهم الأمريكية يوم أمس، أغلق إثرها مؤشر داوجونز على انخفاض مقداره 1.87%. هذا اليوم في التداولات الآسيوية، أغلق مؤشر نيكاي على انخفاض مقداره 1.72% و كذلك انخفض مؤشر شنغهاي المركّب بمقدار 0.73%. إن موجات واسعة من جني الأرباح سادت الاقتصاد الدولي يوم أمس امتدت إلى أسواق المعادن الثمينة.
قد يشير البعض إلى أن الذهب من المفترض أن يشهد طلباً كملاذ آمن في ظروف كهذه في الأسواق المالية، لا نستطيع إلغاء هذا الاحتمال لكن في المقابل نرى بأن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي و الانخفاض في سعر برميل النفط يسببان انخفاضاً في طلب الذهب و بذلك نشهد اتجاهاً نحو أصول الملاذ الآمن النقدية مثل الدولار الأمريكي و الفرنك السويسري أو أصول الملاذ الآمن من ذوات العائد الثابت مثل السندات.
خلال تداولات نيويورك يوم أمس، انخفض سعر الذهب بمقدار 1.40% و أغلق جلسة نيويورك عند مستوى 1411.10 دولار للأونصة الواحدة. انخفض سعر الفضّة أيضاً و فقد سعر أونصة الفضة ما يعادل 2.35% عندما أغلق عند سعر 35.28 دولار للأونصة. البلاتين أيضاً انخفض و سجّل إغلاقاً بانخفاض مقداره 2.11% من افتتاح نيويورك عند سعر 1763.00 دولار للأونصة الواحدة.
انخفاض كل من البلاتين و الفضة كان بفعل توقعات انخفاض الطلب عليهما صناعياً، فالتباطؤ الاقتصادي الذي قد يحصل بسبب تصعيب شروط الائتمان المحتملة في الصين و كذلك التباطؤ الذي يجتاح الاقتصاد الدولي مصاحباً له ارتفاع في سعر برميل النفط و استقرار فوق مستوى 100.00 دولار، كلها أسباب تدفع المتداولين للتخلي عن مضاربات كبيرة في كل الفضة و البلاتين.
بالنسبة للذهب، فهنالك ظروف كثيرة و متعددة تشجّع ارتفاع سعره، لكن ما شهدناه يوم أمس من انخفاض كان بفعل جني أرباح من قبل المضاربين فاق الطلب على المعدن الثمينة على شكل ملاذ آمن و احتياطي تخفيض مخاطرة ارتفاع مستويات التضخم. كان لارتفاع سعر الدولار الأمريكي و الانخفاض الواضح الذي شهده سعر برميل النفط يوم أمس ( على مستوى الجلسة الواحدة ) و هذا ما قلل الاتجاه نحو طلب الذهب كملاذ آمن و كذلك سبب موجة جني أرباح من قبل المضاربين و المستثمرين في السعر السوقي.
هذا اليوم، نرى المعادن الثمينة في تمام الساعة 02:45 صباحاً بتوقيت نيويورك تتداول بميل نحو الارتفاع القليل مقارنة في انخفاض يوم أمس، حيث يتداول سعر الذهب اليوم عند مستويات حول 1416.60 دولار للأونصة مرتفعاً بمقدار 0.39% من إغلاق نيويورك يوم أمس. فيما نرى بأن الفضة حققت ارتفاعاً مقداره 0.20% و يتداول سعر الفضة الآن عند مستوى 35.35 دولار للأونصة. بالنسبة للبلاتين، فيداول سعر أونصة البلاتين على ارتفاع مقداره 0.40% الآن عند مستوى 1770.00 دولار للأونصة الواحدة.
تتداول المعادن الثمينة بشكل عام بتذبذب كبير وسط معادلة معقدّة جداً من الحاجة لطلب ملاذ آمن و تغطية مخاطر التضخم إلى جانب القلق من تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي و الانخفاض الذي تواجهه أسعار العديد من السلع في العالم. هذا اليوم سوف نكون مع مجموعة من البيانات الاقتصادية المرتبطة في التضخم من أوروبا و المملكة المتحدة ثم بيانات الوظائف من كندا التي تعتبر أحد البيانات المرتبطة في النمو و كذلك بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية و بيانات الثقة من الولايات المتحدة الأمريكية. كل هذا المزيج من البيانات سوف يكون سبباً لمزيد من التذبذب الكبير في أسواق المعادن الثمينة التي بدأت في الأصل تتعرّض لموجة جني أرباح.