صدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي وبالتحديد عن قطاع المنازل الأمريكي تقرير مبيعات المنازل القائمة عن شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث استطاعت البيانات التي جاءت في التقرير التغلب على توقعات الأسواق، مما يؤكد على تصريحات الفدرالي الأمريكي والتي صدرت مؤخراً، والتي تؤكد على أن الأنشطة في قطاعات الاقتصاد الأمريكي تشهد تحسناً معتدلاً وتدريجياً، إلى أن ذلك لا ينفي حقيقة استمرار الضعف في تصدر المشهد ضمن قطاع المنازل الأمريكي، إذ لا تزال أنشطة القطاع تقبع ضمن مستويات مخيبة للآمال، بحسب الفدرالي الأمريكي.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن قطاع المنازل الأمريكي كغيره من قطاعات الاقتصاد في الولايات المتحدة أظهر مؤخراً تبايناً في أدائه، مما يؤكد على أن قطاعات الاقتصاد لا تزال تبحث عن استقرارها المفقود، وسط ارتفاع معدلات البطالة، تشديد شروط الائتمان، ناهيك عن معوقات أخرى أفقدت الولايات المتحدة تصنيفها الائتماني الأعلى في العالم منذ العام 1917 م، وهي ارتفاع مديونية الولايات المتحدة وارتفاع عجز ميزانيتها، علماً بأن أزمة الديون الأوروبية تواصل من جهتها إثقال كاهل الاقتصاد الأمريكي بشكل أو بآخر.
حيث أصدر قطاع المنازل الأمريكي اليوم الاثنين تقريره الخاص بمبيعات المنازل القائمة، ليشير إلى ارتفاع المبيعات خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر بنسبة 1.4% أو بمعدل سنوي يصل إلى 4.97 مليون وحدة سكنية، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي تم تعديلها إلى انخفاض بنسبة 3.2% أو بمعدل سنوي وصل إلى 7.90 مليون وحدة سكنية، علماً بأن التقرير أشار إلى انخفاض مخزونات المنازل القائمة خلال فترة إعداد التقرير، بدعم من ارتفاع المبيعات.
وبالحديث عن المؤشرات الفرعية، فقد شهدنا ارتفاع مجمل مبيعات المنازل القائمة كما أسلفنا أعلاه، كما وشهدنا ارتفاع مبيعات منازل "الأسر النواة" تلك التي تتكون من الأب والأم والأطفال بنسبة 1.6 بالمئة لتصل إلى 4.38 مليون وحدة سكنية، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 4.0 بالمئة أي 4.31 مليون وحدة سكنية، في حين شهدنا استقرار مبيعات الشقق عند القراءة الصفرية لتصل إلى 0.59 مليون وحدة، بالمقارنة مع قراءة الشهر الماضي والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 3.5 بالمئة أي 0.53 وحدة.
أما بالحديث عن مستويات عرض المنازل أو (مخزونات المنازل) فقد شهدنا انخفاضاً في تلك المخزونات بسبب ارتفاع مبيعات المنازل، حيث أن التقرير أكد على أن المنازل المتواجدة حالياً وبناءً على أرقام مبيعات المنازل القائمة تكفي لمدة 8.0 شهراً، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 8.3 شهراً.
وهنا عزيزي القارئ نسلط الضوء على أن التقرير الذي صدر اليوم أكد على ما قاله الفدرالي الأمريكي مؤخراً حيال قطاع المنازل والذي بدأ الأزمة المالية الأسوأ التي مرت على الاقتصاد الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، مع الإشارة إلى أن عاملاً آخر بالإضافة إلى العوامل أعلاه يواصل الضغط على قطاع المنازل بشكل كبير، ألا وهو ارتفاع قيم حبس الرهونات العقارية.
حيث أن معدلات البطالة الأمريكية لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ ما يقارب الربع قرن، على الرغم من انخفاضها مؤخراً إلى 9.0 بالمئة، هذا بالإضافة إلى تشديد شروط الإقراض من قبل البنوك الأمريكية، والتي تحد من إمكانية حصول المستهلكين وأصحاب الشركات على قروض جديدة، سكنية كانت أو غير سكنية، مما ينعكس سلباً على مستويات الإنفاق وبالتالي يؤثر على النشاطات الاقتصادية للقطاعات الأمريكية المختلفة.
والجدير بالذكر بأن تقرير تصريحات البناء -ذلك التقرير الذي يعطي نظرة مستقبلية بخصوص مستويات الطلب على المنازل- ارتفع خلال شهر تشرين الثاني/أكتوبر بنسبة 10.0 بالمئة، ليعطي نظرة إيجابية حول مستويات الطلب على المنازل خلال تشرين الثاني/أكتوبر، بيد أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بحاجة إلى تطور جذري في النشاطات الاقتصادية وذلك حتى يصل إلى بر الأمان مخلفاً أزمة الركود وراءه، وذلك لا يمكن أن نراه إلا إذا ما انخفضت مستويات البطالة بالشكل المنشود، في حين تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيبدأ في حزم أمتعته لينمو بوتيرة قوية خلال ما تبقى من العام الجاري والعام المقبل، بحسب البنك الفدرالي الأمريكي.
وفي النهاية فقد بدأت الأسواق المالية أسبوعها باتخفاضات حادة، بسبب استمرار مخاوف أزمة الديون الأوروبية، عقب إطلاق مؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية تحذيرات بشأن التصنيف الائتماني لفرنسا -ثاني أكبر اقتصاديات منطقة اليورو-، في حين تجتاح الأسواق المالية مخاوف أخرى تتعلق بالولايات المتحدة، عقب فشل صناع القرار في الولايات المتحدة في إقرار خطط لخفض عجز الميزانية، الأمر الذي يقرب الولايات المتحدة من الموعد النهائي لخفض العجز...