ان نظرنا الى العلاقة، منذ الصيف المنصرم، بين قيمة اليورو وقيمة الدولار الأميركي لرأينا أن الأسواق المالية ترى في منطقة اليورو وضعاً أسوأ من ذلك المسجل في الولايات المتحدة الأميركية. وبعد أن وصل اليورو الى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، في شهر مايو(أيار) الفائت، هاهو يتراجع الى 1.31 في مطلع شهر أكتوبر(تشرين الأول) الفائت. وبرغم هذا الهبوط الحاد لم يكن الوضع كافياً للدولار الأميركي كي يستعيد أنفاسه التنافسية، قليلاً. في الوقت الحاضر، لا يمكن اعتبار وضع اليورو أفضل من نظيره الأميركي. كما أن تقلبات اليورو، في الشهور الأخيرة، أطاحت بالعديد من الآمال وتركت ساحة جني الأرباح، بالملايين، الى المضاربات وبعض صناديق التحوط الأجنبية.
بالنسبة لصحة اليورو المتدهورة، يرى الخبراء السويسريون أن الحظوظ التي تراه يخرج شبه سليم من أزمة الديون السيادية الأوروبية قد ترتفع كلما تراجعت قيمته، مع أنه يلعب دوراً في فرض القيود على تحركات الأسواق المالية. فخبراء المصارف المركزية الأوروبية يحاولون، بشتى الوسائل،
تخفيض قيمة اليورو أمام الدولار الأميركي الى 1.25، في الخطوة الأولى.
أما الخطوة الثانية فهي تتمثل في انزال اليورو الى ما دون 1.19 أمام الدولار الأميركي.
بالطبع، فان نجاح السلطات الأوروبية في تحقيق هاتين الخطوتين سيكون لها عواقب وخيمة على نظرية استبدال الدولار الأميركي باليورو عملة معيارية يعتمد عليها جزء كبير من التداولات التجارية الدولية.
بمعنى آخر، لن يكون اليورو الملجأ الآمن، في أسواق الصرف، لكن خطوات السلطات المالية ستكون مقنعة لانعاش الأسواق المالية، مجدداً.
في سياق متصل، تشير الخبيرة ميشيل باخمان الى أن البورصات الأوروبية، خصوصاً، لن تنجح في التحسن طالما بقيت أوضاع اليورو على ما هو عليه اليوم من تقلبات طفيفة، لا تبعد قيمته كثيراً عن الدولار الأميركي.
كما أن أسعار صرف اليورو أمام الدولار الأميركي والجنيه الاسترليني ما زالت تقاوم التغييرات التي يسعى الأوروبيين، في منطقة اليورو، الى فرضها على الأسواق.
علاوة على ذلك، تنوه هذه الخبيرة بأن سعر صرف اليورو أمام الفرنك السويسري هو بدوره حرب غير مرئية، بين سويسرا ومنطقة اليورو.
فالسلطات المالية الأوروبية تنوي اضعاف اليورو أمام العملة الوطنية. وهذا يصطدم بشدة مع قرار المصرف المركزي السويسري الذي تدخل للجم قوة الفرنك السويسري بقبضة حديدية.
هكذا، وفضلاً عن الحروب التجارية، بين الدول، سنشهد، قريباً، حروباً قاسية في أسواق الصرف التي تعتبر الستائر المخفية للأسواق المالية الدولية.