ناقلات النفط مترددة في التعامل مع إيران .. والأسباب سياسية ومالية
تسعى إيران جاهدة لزيادة صادرات النفط بسبب تعطل كثير من ناقلاتها لاستخدامها في تخزين الخام وعدم صلاحية بعضها للإبحار بينما ما زال أصحاب السفن الأجانب على ترددهم في نقل شحناتها.
وتسعى طهران لتعويض التجارة التي فقدتها مع أوروبا بعد رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في 2011 و2012 وحرمتها من سوق كانت تستقبل أكثر من ثلث صادراتها مما يجعلها تعتمد إعتمادا كاملا على المشترين الآسيويين.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول حكومي إيراني كبير أن لدى إيران ما بين 55 و60 ناقلة نفط في أسطولها، مشرا ردا على سؤال عن عدد الناقلات غير الصالحة للإبحار والتي تتطلب إعادة تجهيزها في الأحواض الجافة كي تستوفي معايير الشحن البحري الدولية أنّ ”هناك حوالي 20 ناقلة ضخمة… بحاجة إلى تحديث” ، لكنه إمتنع عن تحديد العدد المستخدم لتخزين الشحنات غير المباعة.
غير أن مصادر بالقطاع قدرت عدد الناقلات التي تستخدم للتخزين بنحو 25 إلى 27 ناقلة ترابط في ممرات بحرية قرب مرافىء مثل عسلوية وجزيرة خرج لغرض التخزين.
ووفقا لبيانات الشحن البحري ومصدر يتتبع حركة الناقلات فإن 11 ناقلة إيرانية من الأسطول كانت تنقل النفط إلى المشترين الآسيويين هذا الأسبوع، ويتماشى ذلك بشكل عام مع العدد المخصص للشحنات الآسيوية منذ رفع العقوبات في يناير / كانون الثاني، وهو ما يفرض ضغوطا إضافية على باقي الأسطول المتاح.
وتحتاج إيران إلى سفن أجنبية من أجل خطط إيران لزيادة الصادرات بخطى سريعة إلى أوروبا ومناطق أخرى لتحقيق هدف العودة بالمبيعات إلى مستويات ما قبل العقوبات هذا العام، غير أنّ أصحاب السفن الذين لا يعانون ركودا في النشاط وسط سوق ناقلات مزدهرة غير راغبين في نقل الشحنات الإيرانية لأسباب عديدة أبرزها أنّ بعض القيود الأمريكية على طهران مازالت قائمة وتحظر أي تجارة بالدولار أو تعامل الشركات الأمريكية بما فيها البنوك وتلك عقبة كبيرة لمعاملات النفط والناقلات المسعرة بالدولار.
وشحنت 8 ناقلات أجنبية نحو 8 ملايين برميل من الخام الإيراني إلى وجهات أوروبية منذ رفع العقوبات في يناير / كانون الثاني وفقا لبيانات ترصد حركة الناقلات وسماسرة سفن.
ولا يزيد ذلك على مبيعات نحو عشرة أيام عند مستويات ما قبل 2012 عندما كان المشترون الأوروبيون يستوردون ما يصل إلى 800 ألفبرميل يوميا من البلد العضو في منظمة أوبك.
وبحسب بيانات المصدر الذي يرصد حركة الناقلات لم تنفذ الناقلات الإيرانية أي تسليمات لأوروبا حتى الآن.
ويعتبر الرئيس التنفيذي لشركة ناقلات النفط العالمية “يوروناف” بادي رودجرز أنّ “العمل في إيران ليس حاجة ملحة للغاية” في الوقت الحالي، إذ لا توجد برأيه “ميزة إضافية للعمل في إيران وهناك أعمال أخرى كثيرة، حيث السوق مزدحمة والأسعار جيدة”.
وأضاف: “لا أرغب في فتح حساب مصرفي باليورو في دبي كي أتمكن من التعامل مع إيران .. هذا جنون.”
ولاحظ المستشار العام لدى رابطة انترتانكو الممثلة لمعظم أسطول الناقلات العالمي ميشال وايت “ترددا في العودة إلى إيران في ضوء حظر استخدام النظام المالي الأمريكي وتحديدا بسبب عدم إمكانية استخدام الدولار الأمريكي”.
وأقر المسؤول الحكومي الإيراني الكبير بأن بلاده تجد صعوبة في استئجار الناقلات الأجنبية، وقال “نعكف على حل المشاكل. هناك عدة قضايا ذات صلة مالية ومصرفية وحتى تأمينية. الوضع تحسن قليلا منذ رفع العقوبات لكن مازلنا نواجه مشاكل خطيرة.”
وترجع الضغوط على الأسطول الإيراني جزئيا إلى صعوبة الحصول على مواقع تخزين برية حول العالم حيث عزلت العقوبات إيران عن النظام المالي العالمي مما يجعلها تعتمد على التخزين العائم بدرجة أكبر من كثير من منتجي النفط الآخرين.
وتفاقمت المشكلة بفعل تخمة المعروض العالمي من النفط ، حيث تشير تقديرات في القطاع الى أن الناقلات الإيرانية تخزن ما بين 45 إلى 50 مليون برميل من الخام غير المباع.
المخاطر السياسية
المخاوف من التعامل مع إيران تشمل عددا كبيرا من الشركات العالمية للناقلات النفطية، حيث تتخوف هذه الشركات من تغيير في الموقف الأمريكي تجاه الاتفاق النووي مع طهران بعد إنتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة وتغيّر الادارة الأميركية مطلع العام المقبل، حيث تطرق العضو في غرفة الشحن البحري البريطانية جافين سيموندز الى توقيت انتخابات الرئاسة الأمريكية وتخمة المعروض النفطي العالمي قائلا: “إيران تعود إلى السوق في أسوأ توقيت ممكن.”
قبل 2012 كانت إيران تصدر نحو مليوني برميل يوميا أكثر من نصفها إلى آسيا ولاسيما الصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان، وطهران ممنوعة من بيع النفط إلى الولايات المتحدة منذ عقود.
وأشار قطاع الناقلات إلى مشاكل أخرى ينطوي عليها العمل مع إيران، فقد سدت شركات التأمين على السفن فجوة في التغطية ناجمة عن القيود المفروضة على شركات إعادة التأمين الأمريكية جراء العقوبات التي تفرضها واشنطن لكن أصحاب الناقلات يقولون إن هذا ينطوي على مخاطر ومن غير المستبعد سحبه في حالة إعادة فرض عقوبات أوسع نطاقا على سبيل المثال.
ونقلت “رويترز” عن مصادر قطاع الناقلات إلى تقارير تقول بأن السعودية منعت السفن التي ترفع العلم الإيراني من دخول مياهها في حين تحدثت تقارير أخرى عن فرض البحرين حظرا على أي سفينة كانت الموانئ الإيرانية من بين آخر ثلاثة مرافئ رست فيها، وهي عوامل تغذي تردد أصاب الناقلات الذين يعملون في منطقة الشرق الأوسط.”